-A +A
أصيل الجعيد *
تتجه بنا الرؤية الوطنية 2030 إلى خصخصة الجامعات الحكومية، ما يعطيها مساحة إبداع أكبر في ظل البيروقراطية الحكومية، حيث المركزية الإدارية طاغية بكل معانيها، إلا أن الحرية هنا تأتي ومعها مسؤولية عظيمة وهي تقديم تعليم متميز يسهم في التنمية.

خصخصة الجامعات بكل بساطة تعني تحولها تحت مظلة القطاع الخاص كعمل تجاري نفعي للمجتمع، إلا أن أي عمل تجاري تعترض طريقه مخاطر عدة، من أهمها التمويل، لذا فإن إفلاس مطعم كمثال قد يعني خسارة وجبتك المفضلة، إلا أن إفلاس الجامعة ماليا قد يعني ضررا مجتمعيا كبيرا يؤثر في مستقبل سواعد الوطن. لذا فإن إشراف الهيئات المتخصصة كهيئة المحامين والتخصصات الصحية كلا في اختصاصه ووزارة التعليم على الجامعات قبل وأثناء وبعد الخصخصة مهم جدا. كما أن وجود الحوكمة والرقابة القانونية والمالية ضرورية جدا لتحقيق أهداف خصخصة الجامعات. لذا فإن أخذ خبرات وعثرات من سبقنا في الخصخصة ذو أهمية، لذا أورد لكم قصة مؤسفة حدثت أخيرا في أمريكا، أنشئت كلية شارلوت للقانون في 2006 بولاية نورث كارولاينا وكان هدف المؤسسة تعليميا ربحيا وحصلت على اعتماد جمعية المحامين الأمريكيين في عام 2008 كجامعة معتمدة لتدريس القانون، إلا أنه أخيرا قد قل كثيرا نسبة المتخرجين منها الذين يجتازون اختبارات البار المهنية التي تؤهلك لممارسة المحاماة، أحد الأسباب انخفاض جودة التعليم وقبول مدخلات غير مؤهلة تماما وبهذا السبب خسرت اعتمادها من الجمعية وأصبحت تحت التحقيق من الجهات الفيدرالية المختصة، نظرا لأن سحب الاعتماد المهني منها يعني أن الحكومة الفيدرالية لن تقدم القروض التعليمية اللازمة للطلاب ليستمروا في الدراسة، ما يعني إفلاس الكلية، وأوقع ذلك جميع الأطراف في حرج شديد ومازالت الكلية لليوم تخضع للتحقيق الدقيق. المستفاد من هذه القصة أننا نحتاج رقابة قانونية ومالية سابقة ولاحقة والأهم مراقبة مؤشرات قياس الأداء للجامعات للتأكد أنها تحقق أهدافها ولتجنب كارثة تعليمية مشابهة لما حدث مع كلية شارلوت.


* مبتعث دكتوراه في القانون الجنائي

aljaieda@ipa.edu.sa